سورة المائدة - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المائدة)


        


{يَا آَيُّهَا الَّذِينَ آمنواذكروا نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ} روي: «أن المشركين رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعسفان، قاموا إلى الظهر معاً فلما صلوا ندموا ألا كانوا أكبوا عليهم وهموا أن يوقعوا بهم إذا قاموا إلى العصر، فرد الله عليهم كيدهم بأن أنزل عليهم صلاة الخوف» والآية إشارة إلى ذلك وقيل إشارة إلى ما روي: «أنه عليه الصلاة والسلام أتى قريظة ومعه الخلفاء الأربعة يستقرضهم لدية مسلمين قتلهما عمرو بن أمية الضمري يحسبهما مشركين، فقالوا: نعم يا أبا القاسم اجلس حتى نطعمك ونقرضك فأجلسوه وهموا بقتله، فعمد عمرو بن جحاش إلى رحى عظيمة يطرحها عليه، فأمسك الله يده فنزل جبريل فأخبره فخرج» وقيل: «نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلاً وعلق سلاحه بشجرة وتفرق الناس عنه، فجاء أعرابي فسل سيفه وقال: من يمنعك مني؟ فقال: الله فأسقطه جبريل من يده، فأخذه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: من يمنعك مني فقال لا أحد أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله» فنزلت {إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ} بالقتل والإهلاك، يقال بسط إليه يده إذا بطش به وبسط إليه لسانه إذا شتمه. {فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ} منعها أن تمد إليكم ورد مضرتها عنكم. {واتقوا الله وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المؤمنون} فإنه الكافي لإِيصال الخير ودفع الشر.


{وَلَقَدْ أَخَذَ الله ميثاق بَنِي إسراءيل وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثنى عَشَرَ نَقِيباً} شاهداً من كل سبط ينقب عن أحوال قومه ويفتش عنها، أو كفيلاً يكفل عليهم بالوفاء بما أمروا به. روي أن بني إسرائيل لما فرغوا من فرعون واستقروا بمصر، أمرهم الله سبحانه وتعالى بالمسير إلى أريحاء من أرض الشام، وكان يسكنها الجبابرة الكنعانيون وقال: إني كتبتها لكم داراً وقراراً فاخرجوا إليها وجاهدوا من فيها فإني ناصركم، وأمر موسى عليه الصلاة والسلام أن يأخذ من كل سبط كفيلاً عليهم بالوفاء بما أمروا به، فأخذ عليهم الميثاق واختار منهم النقباء وسار بهم فلما دنا من أرض كنعان بعث النقباء يتجسسون الأخبار، ونهاهم أن يحدثوا قومهم، فرأوا أجراماً عظيمة وبأساً شديداً فهابوا ورجعوا وحدثوا قومهم ونكث الميثاق إلا كالب بن يوفنا من سبط يهوذا، ويوشع بن نون من سبط افراييم بن يوسف. {وَقَالَ الله إِنّي مَعَكُمْ} بالنصرة {لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصلاة وَءَاتَيْتُمْ الزكواة وَءَامَنتُمْ بِرُسُلِى وَعَزَّرْتُمُوهُمْ} أي نصرتموهم وقويتموهم وأصله الذب ومنه التعزيز. {وَأَقْرَضْتُمُ الله قَرْضاً حَسَناً} بالإِنفاق في سبيل الخير وقرضاً يحتمل المصدر والمفعول. {لأُكَفّرَنَّ عَنْكُمْ سيئاتكم} جواب للقسم المدلول عليه باللام في لئن ساد مسد جواب الشرط. {وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جنات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذلك} بعد ذلك الشرط المؤكد المعلق به الوعد العظيم. {مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السبيل} ضلالاً لا شبهة فيه ولا عذر معه بخلاف من كفر قبل ذلك، إذ قد يمكن أن يكون له شبهة ويتوهم له معذرة.


{فَبِمَا نَقْضِهِم ميثاقهم لعناهم} طردناهم من رحمتنا، أو مسخناهم أو ضربنا عليهم الجزية. {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} لا تنفعل عن الآيات والنذر. وقرأ حمزة والكسائي {قسية} وهي إما مبالغة {قَاسِيَةً} أو بمعنى رديئة من قولهم درهم قسي إذا كان مغشوشاً، وهو أيضاً من القسوة فإن المغشوش فيه يبس وصلابة وقرئ: {قسية} بإتباع القاف للسين. {يُحَرّفُونَ الكلم عَن مواضعه} استئناف لبيان قسوة قلوبهم، فإنه لا قسوة أشد من تغيير كلام الله سبحانه وتعالى والافتراء عليه، ويجوز أن يكون حالاً من مفعول {لعناهم} لا من القلوب إذ لا ضمير له فيه. {وَنَسُواْ حَظَّا} وتركوا نصيباً وافياً. {مّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ} من التوراة، أو من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم، والمعنى أنهم حرفوا التوراة وتركوا حظهم مما أنزل عليهم فلم ينالوه، وقيل معناه أنهم حرفوها فزلت بشؤمه أشياء منها عن حفظهم، لما روي أن ابن مسعود قال: قد ينسى المرء بعض العلم بالمعصية وتلا هذه الآية. {وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ على خَائِنَةٍ مّنْهُمْ} خيانة منهم، أو فرقة خائنة أو خائن والتاء للمبالغة. والمعنى أن الخيانة والغدر من عادتهم وعادة أسلافهم لا تزال ترى ذلك منهم. {إِلاَّ قَلِيلاً مّنْهُمُ} لم يخونوا وهم الذين آمنوا منهم، وقيل استثناء من قوله: {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} {فاعف عَنْهُمْ واصفح} إن تابوا وآمنوا أو عاهدوا والتزموا الجزية. وقيل: مطلق نسخ بآية السيف. {إِنَّ الله يُحِبُّ المحسنين} تعليل للأمر بالصفح وحث عليه وتنبيه على أن العفو عن الكافر الخائن إحسان فضلاً عن العفو عن غيره.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8